الجن بين الحقيقة والخيال:
قد يتكون لدى الباحث في موضوع ميتافيزيقي كموضوع الجن فكرة مبهمة تتطرحها عوائق فهم اللغة، حيث لا يمكن البحث في موضوع لامادي كالجن دون التحري و التقصي عن معنى كلمة جن في الاساس، و أهم مصدر قدسي للسان العربي هو القرآن الكريم لما لهذا الكتاب الرباني من دقة و شمولية في استعمال الكلمات العربية في محل دون عشوائية.
معلوم أن القرآن الكريم يضج بالكلمات الارمية التي لن تجد لها تفسيرا الا بعد لجوءك للمعجم القتباني اليمني القديم و الذي يأخذ كل أثله من المعجم السبئي التي وثق له الخط العربي الأول وهو خط المسند.
حيث تجد للكلمة معنى آخر يظهر جليا، و يعطيك حقيقة تقول بتغير معاني الكلمات مع الزمن و التغير في المعنى تغير في الاستعمال، مثال: (كلمة قرن) التي استعملت للدلالة على قادة الجيوش أو الملوك أصحاب الجيوش الجرارة، والآن بدأ معناها ينحصر في الصفة الزمنية القرن بمعنى مائة سنة.
حيث تجد للكلمة معنى آخر يظهر جليا، و يعطيك حقيقة تقول بتغير معاني الكلمات مع الزمن و التغير في المعنى تغير في الاستعمال، مثال: (كلمة قرن) التي استعملت للدلالة على قادة الجيوش أو الملوك أصحاب الجيوش الجرارة، والآن بدأ معناها ينحصر في الصفة الزمنية القرن بمعنى مائة سنة.
من خلال المثال نصل الى حقيقة لسانية تجعلنا نعطي لكل كلمة حقها الذي يجب أن نعيه بشكل موضوعي و مجرد. إننا بصدد الاحاطة بمعاني كلمة الجن وما الدال و المدلول؟ وهل نتحدث دائما عن الجن الشبحي؟
لقد استعمل القرآن كلمة الجن و الجان و الجنة في سور متفرقة، هده الكلمات و من دون شك تثير الانتباه العقلي و تنهي الشكوك بأن للكلمة معان مختلفة فالكلام الالهي لا يعبث بالمعاني و لا مجال فيه للمرادفات؛ علما أن اللسان العربي لا مرادفات فيه فكل كلمة لها معنى خاص و دقيق؛ ومن بين المعاني المتفق عليها أن الجن تعني كلما لا تدركه العين المجردة و هو موجود. وتفصيله:
جِنٌّ: من فعل جن، يجن فهو جني أي لا تراه و هو موجود، ولكن هذه الكلمة كاستنتاج واضح أنها سبقت وجود الجن بالمنظور الفلسفي، لا يمكن ان يحتكر معناها و يرتبط بكائن شبحي فقط و إنما تستعمل لكل ما ندرت رؤيته عند العرب كالروم فقد كانت بعض قبائل العرب تسمي الروم بالجن لأن التثاقف نادر بين الشعوب البدوية و البعيدة.
جانٌّ: كلمة لا محل لها سوى الفاعل فالجان فاعل لفعل الجَنِّ و معناها أنها تطلق على من برز فوق الآخرين أخفى وجودهم لشدة صفته و غلبتها على صفاتهم، لهذا يسمى بها الملوك كذلك؛ الانس؛ فخروجهم و بروزهم للعامة يجعل الانظار تخصهم بالرؤية فيخفي ذلك وجود الآخرين بشكل غير مباشر.
الجنة: ككلمة فهي اسم معطوف في القرآن على الانس و بقوة العطف و السياق تكون الانس كلمة سبقت البشر أو بني آدم، فتعني كلما يظهر للعين المجردة و هنا جاء السياق للعاقل فالله يخاطب البشر و بالتالي خص بها الله عز وجل البشر العلني الظهور و الجن وهم البشر الخفي ظهورهم. وبالتالي كلمة الجنة تبلور معناها في تكاثف السياقات المعاني التي تشاركت في الخفي و الظاهر أو البين أو المكشوف، مما يجعل من الكلمة الجنة وصفا كذلك لكل بشري يعمد الى التواري و التخفي (المخابرات، الجواسيس...) ،كلها اذن مصفوفات لغوية ركبت على محلات اعرابية لتعبر عن معان مختلفة.
كل هذه الاطلالة تدعونا الى تساؤل كبير وهو هل دائما كلمة الجن في القرآن الكريم تعني الجن الشبحي أو الكائن الآخر؟
إن مجرد الاستهثار بهذا التساؤل يجعلك تقزم معاني كتاب شامل شمولي عصي عن النقصان خال من الضعف و التناقض.
هو
كخلاصة يمكن أن نتصرف بنقلية محضة للتفسير التقليدي الذي لا يعدو كونه اجتهاد يصيب و يخطئ ولكن التفكير العقلي يضعك أمام حقيقتين مجردتين ولكنهما تتزامنان ،و مخرجه أن الجن حقيقة و لكن لم تفهم عوالمها و هو خيال في اسطورة شعبية و انسانية تقبل كل الهوليوديات و الافكار الخيالية التي لا تجدها الا في القصص المشرقية الفارسية، والحقيقة الثانية هي أن القرآن الكريم لا يقبل التحديد و تأريخ المعاني و التفاسير التابثة و هو ما ينطبق على كلمة الجن ففي آيات تعنيهم و في أخرى لا تقبل الا حدود العقل ففي الاخير لا يخاطب الله الا عقول لها حدود للفهم. فهل تقوم الحجة على عقل خوطب بما لا يقبله عقله؟
شكرا لك اخي على هذا الموضوع الذي بعث لدي فضول بالبحث في كل ما ذكرته
ReplyDelete