مفهوم التخزين
ان كلمة التخزين في مبحثنا هذا ليست بذلك التعقيد الذي يظهر عليها و إنما هي بسيطة المعنى يقصد بها التوفير و ضدها التبدير، و معلوم أن المراحل التاريخية التي مرت بقبيلة اولاد جرار لا تختلف عن سياقها التاريخي العام بالمغرب العميق ككل. فكانت الحاجة ماسة لأخذ الاحتياطات التي تضمن البقاء و القوة لكل قبيلة و الحماية من الغزوات و الغارات التي طغت في زمن السيبة.
اسباب اللجوء للمخازن
من خلال المصادر التاريخية المشهورة كمقدمة ابن خلدون و الاستقصا للناصري و المعسول للسوسي و غيرهم الكثير، تبلورت لدينا فكرة مقنعة عن اسباب اللجوء للمخازن التي انتشرت بشكل ملحوظ في المناطق الجنوبية و سوس و التي مفادها أن حكومات السيبة التي انتشرت بمناطق سوس و الجنوب خلقت فراغ سياسي كبير تجلى في الصراع الكبير بين حلفين أساسين و هما حلف (تحكات) و حلف (تجوزولت) الذين كانا متناحرين على الدوام. إن هذا التناحر ولد ما يسمى بالسيبة حيث كانت كل قبيلة تغزو الاخرى و تنهب محاصيلها و كل ما ينتج عن الحروب من فضائع. لدى بدأ الافراد و العشائر بتدبير ممتلكاتهم بشكل جماعي في مؤسسة تشبه الابناك اليوم و تسمى (أكادير) و الذي غالبا ما يبنى على مرتفع ليصعب نهبه. ولكن القبائل التي تعيش في السهول والتي تسكن في قصبات او داخل قلاع فلجأوا الى حفر مطامر منتشرة بشكل كبير بحيث لا يمكن ان تجد موقعا أثريا يخلو منها, ولكن تعددت انواعها و اختلفت وظائفها.
الوظائف والأدوار
لاشك أن أهم وظيفة ارتبطت بالمطمورة تنحصر في تخزين الحبوب وبعض المقتنيات الثمينة و المهمة والتي تعتبر من مقومات اكتساب القوة و الدفاع عن النفس, وما يلفت انتباه الباحث في هذه الوسيلة أنها بنيت بشكل متقن وحفظت جدرانها من الداخل بطينة من جنس تربتها سميت لدى الخبراء بطينة الحكمة والتي يمكن اعتبارها من خلال تجربتنا معها اسمنت القدماء. لقد حكمت المنطقة حروب عشوائية بعضها له سياق عام و بعضها خاص, جعلت القدماء يلجؤون لتخزين محاصيلهم ومقتنياتهم الثمينة والخروج للدفاع عن القبيلة من الغزوات التي تحاك و تدار رحاها بين القياد و الشيوخ وفرسان الصولات و الجولات. وتراكمت المخزونات في قبيلة اولاد جرار في زمن تقريبا مشترك بين أفخاذها و عماراتها ونقدرها بثلاثمائة سنة لعدة اعتبارات تاريخية موثقة سيكون لنا فيها قول فصل ومفصل في مواضع اخرىمن خلال المكتشفات التي همت عمارة اهل البير توصلنا لاستنتاجين هامين اولهما
تواجد مطامر جماعية وثانيهما تواجد مطامر فردية, والفرق يتضح جليا من اسمهما حيث تم توظيف الرواية الشفوية و التي وثق بعضها. وننفرد بذكر معلومات عنها.
المطامر الجماعية
يمكن اعتبارها مخزنا جماعيا, يتم تخزين المحاصيل فيها بشكل مشترك وابرز ما تتميز به هو عناصر بنائها حيث تتكون من كوة أو فتحة اسطوانية سطحية و لكن لها أبواب أرضية تدخلك لمطمورة أخرى يشكل تسلسلي حيث تمكنا من دخول ستة مطامر كحد أقصى عبر الابواب الباطنية لنقص الاوكسجين
No comments:
Post a Comment